تدوين القرآن
تعليق على أطروحتي بورتون ووانسبرو

تاريخ القرآن من أهم القضايا القائمة في الحقل الاستشراقي منذ بداياته، بل وحتى قبل بدايات استوائه كحقل علمي، وقد شهد التأريخ الإسلامي لتدوين النصّ تشكيكًا كبيرًا في هذا السياق، إلا أنّ هذا التشكيك قد ازداد في الآونة الأخيرة خصوصًا مع بروز الاتجاه التنقيحي، حيث تم رفض تفاصيل هذه السردية ومجملها، وفي هذا الفراغ تم بلورة أطروحات جديدة لتاريخ تدوين النصّ، ربما أشهرها أطروحتي وانسبرو وبورتون، حيث يرجع وانسبرو تاريخ تدوين النصّ لما بعد القرن الثاني الهجري، أما بورتون فيجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- هو المسؤول عن تحرير النسخة النهائية، وما تتناقله الروايات من أدوار للخلفاء الثلاثة -رضوان الله عليهم- ليس إلا اختلاق.
في سياق هذه الوضعية من فراغ المصادر بعد التشكيك في المرويات التقليدية، ومن بزوغ فرضيات جديدة في هذا الفراغ، يكتب شولر مقالته هذه والتي تقدّم طرحًا معاكسًا مفاده إمكان الاستفادة من المرويات التقليدية في بناء تاريخ القرآن عبر البحث عن (الجوهر الأصيل) الصحيح للروايات.
أهمية طرح شولر تأتي من كونه محاولة لإعادة تأسيس الاعتماد على المصادر التقليدية في ضوء الاعتراضات التنقيحية، فتكشف عن الشكل الجديد الذي أخذته كتابة تاريخ القرآن في الاستشراق المعاصر.